آدمَ، يُحْصُون كلَّ قطرةٍ حيثُ تَقَعُ وما تُنْبِتُ (١).
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢)﴾.
اختلفت القرأة في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة القرأةِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾.
وقرأه بعضُ قرَأةِ أهل الكوفةِ:(وأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ)(٢). فوحد الريحَ وهى موصوفةٌ بالجمعِ، أعنى بقولِه: ﴿لَوَاقِحَ﴾. وينبغى أن يكون معنى ذلك أن الريحَ وإن كان لفظها واحدًا (٣) فمعناها الجمع؛ لأنَّه يقال: جاءت الريحُ مِن كلِّ وجهٍ، وهبَّت من كلِّ مكانٍ. فقيل: ﴿لَوَاقِحَ﴾. لذلك، فيكون معنى جمعهم نَعْتها وهى في اللفظ واحدةٌ (٤) معنى قولهم: أرضٌ سباسبُ (٥)، وأرضُ أغفالٌ (٦)، وثوبٌ أخلاقٌ، كما قال الشاعر (٧):
جاء الشتاءُ وقميصى أخلاقْ
شراذِمٌ (٨) يَضْحَكُ منه التَّواقُ (٩)
(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٤٨ عن المصنف، وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (٤٩٥) من طريق هشيم به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٩٥ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) وهى قراءة حمزة، وقرأ الباقون بالجمع كالقراءة الأولى. ينظر حجة القراءات ص ٣٨٢. (٣) في ص، ف: "حد"، وفى ت ١، ت ٢: "موحد". (٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "و". (٥) السباسبُ جمع سبسب، والسبسب: المفازة. اللسان (سبسب). (٦) الأغفال: الأرض المجهولة التي ليس فيها أثر يعرف. اللسان (غ ف ل). (٧) معاني القرآن للفراء ٢/ ٨٧، وتهذيب اللغة ٧/ ٣٠، ٩/ ٢٥٦، والأزهية ص ١٣، ونسبه أبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات - كما في الخزانة ١/ ٢٣٤ - إلى بعض الأعراب. (٨) ثوب شراذم: قطع. اللسان (شرذم). (٩) التواق، قيل: إنه اسم ابنه. اللسان (ت و ق).