يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين وصَفتُ صفتَهم من عبادى - وذلك مِن ابتداءِ قولِه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. إلى قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ الآية - ﴿يُجْزَوْنَ﴾. يقولُ: يُثابون على أفعالِهم هذه التي فعَلوها في الدنيا ﴿الْغُرْفَةَ﴾. وهى منزلةٌ من منازلِ الجنةِ رفيعةٌ، ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾. يقولُ: بصبرِهم على هذه الأفعالِ ومقاساةِ شدتِها.
وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ:(ويَلْقَوْنَ). بفتحِ الياءِ وتخفيفِ القافِ (٣).
والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إنهما قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصارِ، بمعنًى واحدٍ، فبأيتِهما قرأ القارىُ فمصيبٌ، غيرَ أن أعجبَ القراءتين إليَّ أن أقرأَ بها:(وَيَلْقَوْنَ). بفتحِ الياءِ وتخفيفِ القافِ؛ لأن العربَ إذا قالت ذلك بالتشديدِ، قالت: فلانٌ يُتَلَقَّى بالسلامِ وبالخيرِ، ونحن نَتَلقَّاهم بالسلامِ. قرَنتْه بالباءِ (٤)، وقلّما
(١) في اللسان، وشرح الشواهد: "تَزدْن". (٢) وهى قراءة نافع وأبى جعفر وابن كثير وابن عامر وأبى عمرو ويعقوب. ينظر النشر ٢/ ٢٥١. (٣) وهى قراءة حمزة والكسائى وخلف وأبى بكر. المصدر السابق. (٤) في م: "بالياء".