يطوفُ الشيطانُ بابن آدم ليستزلَّه عن طاعة ربِّه، أو ليوسوس له، والوسوسة والاستزلال هو الطائفُ من الشيطان، وأما الطيفُ فإنّما هو الخيالُ، وهو مصدرٌ مِن طافَ يَطيفُ، ويقولُ: لم أسمع في ذلك طافَ يَطيفُ، ويتأوّله بأنه بمعنى الميت وهو من الواو.
وحكى البصريون وبعضُ الكوفيين سماعًا من العرب (١): طاف يطيفُ، وطِفتُ أَطِيفُ، وأنشدوا في ذلك (٢):
وأما أهل التأويل، فإنهم اختلفوا في تأويله؛ فقال بعضهم: ذلك الطائفُ: هو الغضبُ.
ذِكرُ من قال ذلك
حدثنا أبو كريبٍ وابن وكيعٍ، قالا: ثنا ابنُ يَمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفر، عن سعيد: ﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ﴾. قال: الطيفُ: الغضبُ (٤).
حدثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا حكّامٌ، عن عَنْبَسةَ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن القاسم بن أبي بَزَّةَ، عن مجاهد في قوله: ﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾. قال: هو الغضب (٥).
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله بن رجاءٍ، عن ابن جُريجٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن
(١) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ٢٣٧. (٢) البيت لكعب بن زهير في ديوانه ص ١١٣. (٣) في ص، ت ١، ت ٢، "شقوف"، وفى م: "شغوف". والمثبت من الديوان، والشَّعَف: إحراق الحب القلب مع لذة. اللسان (ش ع ف). (٤) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٤٠ معلقا. (٥) ينظر الأثر بعد التالى.