أنعَم اللهُ عليه بالهدايةِ، وأنْعَمْتَ عليه بالعِتْقِ. يعنى بذلك (١) زيدَ بنَ حارثةَ مولى رسولِ اللهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾. وذلك أن زينبَ بنتَ جَحْش - فيما ذُكر - رآها رسولُ اللهِ ﷺ فأعْجبَتْه، وهي في جِبالِ مولاه، فأُلْقِيَ في نفسِ زيدٍ كراهتُها؛ لِما علِم الله مما وقع في نفسِ نبيِّه ما وقَع، فأراد فراقَها، فذكَر ذلك الرسولِ اللهِ ﷺ: زيدٌ، فقال له رسولُ اللهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾. وهو ﷺ[في ذلك](٢) يحبُّ أن تكونَ قد بانَت منه لِينْكِحَها، ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ يقولُ (٣): وخَفِ الله في الواجبِ عليك في زوجتك، ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾. يقولُ: وتُخفى في نفسِك محبةَ فراقِه إيَّاها؛ لِتَتَزوَّجَها إن هو فارَقها، واللَّهُ مُبْدٍ ما تُخفى في نفسِك مِن ذلك، ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وتخافُ أن يقولُ الناسُ: أمر رجلًا بطلاقِ امرأتِه، ونكَحها حينَ طلَّقها، واللَّهُ أَحقُّ أن تَخْشاه مِن الناسِ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾. وهو زيدٌ أنْعَم اللهُ عليه بالإسلامِ، ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾: أَعْتَقه رسولُ اللهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾. قال: وكان يُخْفى في نفسه وُدَّ أنه طلَّقها. قال الحسنُ: ما أُنزِلَت عليه آيةٌ كانت أشدَّ عليه منها، قولَه: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ
(١) سقط من: م. (٢) سقط من: م. (٣) بعده في م، ت ١، ت ٢: "له".