وقولُه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأى شيءٍ أدْراك يا محمدُ، أَيُّ شيءٍ سَقَرُ؟ ثم بَين جلَّ وعزَّ ما سَقَرُ،
فقال: هي نارٌ، ﴿لَا تُبْقِي﴾ [مَن فيها حيًّا، ﴿وَلَا تَذَر﴾](١) من فيها ميتًا (٢)، ولكنها تُحْرِقُهم كلما جُدِّد خَلْقُهم.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثَّني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن (٣) ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾. قال: لا تُمِيتُ ولا تُحيِى (٤).
حدثَّني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ (٥)، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.
حدثَّني محمدُ بنُ عُمارةَ الأسديُّ، قال: ثنا عبيدُ الله بنُ موسى، قال: أخبَرنا [ابنُ أبي](٦) ليلى، عن مَزِيدةَ (٧) في قولِه: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾. قال: لا تُبْقِى منهم شيئًا أن تَأْكُلهم، فإذا خُلِقوا لها لا تَذَرُهم حتى تَأْخُذَهم فتَأْكُلهم.
وقولُه: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾. يعنى جلَّ ثناؤُه: مُغَيَّرةٌ لبَشَرةِ أهلها، والدَّوَّاحةُ مِن نعتِ سَقَر، وبالردِّ عليها رُفِعَت، وحسُن الرفعُ فيها، وهى نكرةٌ وسَقَرُ معرفةٌ، لما فيها
(١) في الأصل: "ولا تذر ولا تبقى من فيها ولا تذر". (٢) في ت ٢ ت ٣: "حيا". (٣) في الأصل: "وحدثني الحارث قال". (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٥) بعده في الأصل، ت ٢، ت ٣: "جميعا". (٦) في م: "أبو". (٧) في م: "مرثد".