وقولُه: ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى وهارونُ: ربَّنا إننا نخافُ فرعونَ إن نحن دعَوْناه إلى ما أمَرْتَنا أَن نَدْعُوه إليه، أن يَعْجَلَ علينا بالعقوبةِ. وهو من قولِهم: فرَط منى إلى فلانٍ أمرٌ. إذا سبَق منه ذلك إليه، ومنه فارِطُ القومِ، وهو المتعجِّلُ المتقدمُ أمامَهم إلى الماءِ أو المنزلِ، كما قال الراجزُ (١):
قد فرط العِلْجُ علينا وعجَلْ
فأما الإفراطُ فهو الإسرافُ والاشتطاطُ والتعَدِّى، يقالُ منه: أَفْرَطَتَ في قولِك. إذا أسْرَف فيه وتعدَّى. وأما التفريطُ فإنه التَّوانى، يقالُ منه: فرَّطْتَ في هذا الأمرِ حتى فات. إذا تَوانَى فيه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا﴾. قال: عقوبةً منه (٢).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.
حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّنَا
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢/ ٥٤١، وتفسير القرطبي ١١/ ٢٠١. (٢) تفسير مجاهد ص ٤٦٢، ومن طريقه الفريابي - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٥٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.