القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾.
قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾: لا يَحْمِلَنَّكم.
كما حدثني المثنى، قال: أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾. يقولُ: لا يَحْمِلَنَّكم شنآنُ قومٍ (١).
حدثنا بشرُ بن معاذٍ، قال: أخبرنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾. أي: لا يحمِلَنَّكم (٢).
وأما أهلُ المعرفةِ باللغةِ فإنهم اخْتَلفوا في تأويلِها؛ فقال بعضُ البصريِّين (٣): معنى قولِه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾: لا يُحِقَّنَّ (٤) لكم؛ لأن قولَه: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّار﴾ [النحل: ٦٢] هو: حقٌّ أن لهم النارَ.
[وقال آخرُ منهم: معناه: لا يحمِلَنَّكم ولا يُعْدِيَنَّكم](٥).
وقال بعضُ الكوفيين: معناه: لا يَحْمِلَنَّكم. وقال (٦): يقالُ: جرَمنى (٧) فلانٌ على أن صنَعْتُ كذا وكذا. أي: حمَلنى عليه.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٥٣، ٢٥٤ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٥٥ إلى عبد بن حميد. (٣) هو الأخفش، كما ذكره عنه صاحب اللسان. (ج ر م). (٤) في الأصل: "يحقق"، وفى ص، ت ١: "يحقر". وينظر اللسان الموضع السابق. (٥) سقط من: م. (٦) سقط من: الأصل. (٧) في ص، ت ١، ت ٢، س: "حملنى".