يقولُ تعالى ذكرُه: وعلى اللهِ، أَيُّها الناسُ، بيانُ طريقِ الحقِّ لكم، فمن اهْتَدى فلنفسِه، ومَن ضلَّ فإنما يَضِلُّ عليها. والسبيلُ هي الطريقُ، والقصدُ مِن الطرقِ (١): المستقيمُ الذي لا اعوجاجَ فيه، كما قال الراجزُ (٢):
فصَدَّ عن نَهْج الطريقِ القاصدِ
وقولُه: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾. يَعْنى تعالى ذكرُه: ومن السبيلِ جائزٌ عن الاستقامةِ مُعْوَجٌّ، فالقاصدُ من السُّبُلِ الإسلامُ، والجائرُ منها اليهوديةُ والنصرانيةُ وغيرُ ذلك مِن مِلَلِ الكفرِ، كلُّها جائرٌ عن سواءِ السبيلِ وقصدِها، سوى الحنيفيةِ المسلمةِ، وقيل: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾. لأن السبيلَ يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ، فأُنثتْ في هذا الموضعِ. وقد كان بعضُهم يقولُ: إنما قيل: ﴿وَمِنْهَا﴾، لأنَّ السبيلَ وإن كان لفظُها لفظَ واحدٍ، فمعناها الجمعُ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: أخبرنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾. يقولُ: البيانُ (٣).
(١) في م: "الطريق". (٢) تقدم في ١/ ١٧١. (٣) في ت ١: "علي الله البيان"، والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٧٩ عن علي به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٢ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.