الأُلو (١) البأس الشديد الذين يبعَثُهم الله عليكم وجوهَكم (٢). واستشهد قارئو ذلك لصحة قراءتهم كذلك بقوله: ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ﴾. وقالوا: ذلك خبرٌ عن الجميع، فكذلك الواجبُ أن يكونَ قولُه: ﴿لِيَسُوءُوا﴾. وقرأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ الكوفة:(ليَسُّوءَ وُجُوهَكُمْ). على التوحيد وبالياء، وقد يحتملُ ذلك وجهين من التأويل؛ أحدُهما ما قد ذكَرتُ، والآخرُ منهما: ليسوء الله وجوهكم. فمَن وجَّه تأويل ذلك إلى: ليسوءَ مجئُ الوعدِ وجوهَكم. جعَل جوابَ قوله: ﴿فَإِذَا﴾ محذوفًا، قد استُغْنِىَ (٣) بما ظهَر عنه، وذلك المحذوفُ:"جاء". فيكونُ الكلامُ تأويلُه: فإذا جاء وعدُ الآخرة ليسوءَ وجوهَكم جاء. ومَن وجَّه تأويلَه إلى: ليسوءَ الله وجوهَكم. كان أيضًا في الكلام محذوفٌ (٤)، غير أنه (٥) سوى "جاء"، فيكونُ معنى الكلام حينئذٍ: فإذا جاء وعدُ الآخرة بعَثناهم ليسوء الله وجوهَكم. فيكونُ المُضمَرُ "بعثناهم"، وذلك جوابُ "إذا" حينَئذٍ. وقرَأ ذلك بعضُ أهل العربية من الكوفيين:(لِنَسُوءَ وُجُوهَكُمْ) على وجه الخبر من الله ﵎ اسمُه عن نفسه (٦).
وكان مجيءُ وعدِ المرَّة الآخرة عند قتلهم يحيى.
ذِكرُ الرواية بذلك.
والخبرُ عمّا جاءهم من عند الله حينئذٍ كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو،
(١) في م: "أولو". (٢) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وحفص عن عاصم. السبعة ص ٣٧٨. (٣) في م: "المستغنى". (٤) بعده في م: "قد استغنى هنا عنه بما قد ظهر منه". (٥) في م: "أن ذلك المحذوف". (٦) قرأه الكسائي. ينظر السبعة ص ٣٧٨ والنشر ص ٢٢٩.