اختلَف أهلُ التأويل في المعْنِيِّين بقولِه: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى الكلام: ولو فتَحْنا على هؤلاء القائلين لك يا محمدُ: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ﴾. بابًا مِن السماء، فظلَّت الملائكةُ تَعْرُجُ فيه، وهم يَرَوْنهم عيانًا، لقالوا: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمد بن سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مَّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يعْرُجُونَ﴾. يقول: لو فتحنا عليهم بابًا من السماءِ فظَلَّت الملائكةُ تَعْرُجُ فيه (١)، لقال أهل الشرك: إنما أخذ أبصارنا، وشَبَّه علينا، وإنما سَحَرَنا. فذلك قولهم: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (٢).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن ابن عباس: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾: فظلَّت الملائكةُ يَعْرُجون فيه، يراهم بنو آدم عيانًا، لقالوا: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْمَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧)﴾. قال: ما بينَ ذلك إلى قوله: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤)﴾. قال: رجع إلى قوله: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ ما بينَ
(١) في ص، ت ٢، ف: "منه". (٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٤٦ عن معمر عن قتادة عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٩٥ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.