فقال جميعُ أهل العلم متقدِّمُهم ومتأخرُهم: مِن المبهَماتِ، وحرامٌ على من تزوَّج امرأةً؛ أمُّها، دخَل بامرأتِه التي نكَحها أو لم يَدْخُلْ بها. وقالوا: شرطُ الدخول في الربيبة دونَ الأُمِّ، فأمَّا أمُّ المرأة فمُطْلَقَةٌ بالتحريم. قالوا: ولو جاز أن يكون شرطُ الدخول في قوله: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾. يَرْجِعُ (١) موصولًا به قولُه: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾. جاز أن يكونَ الاستثناءُ في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. مِن جميع المُحَرَّماتِ بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ الآية. قالوا: وفى إجماع الجميع على أن الاستثناءَ في ذلك إنما هو مما وَليَه من قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ﴾. أبينُ الدلالة على أن الشرط في قوله: ﴿مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾. مما وليَه من قوله: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾. دونَ أمهاتِ نسائِنا.
ورُوى عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقولُ: حلالٌ نكاحُ أمهاتِ نسائِنا اللواتي لم نَدْخُلْ بهنَّ، وإن حكمَهنَّ في ذلك حكمُ الربائبِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: ثنا ابن أَبي عَدِيٍّ وعبدُ الأعلى، عن سعيدٍ، عن قَتادةَ، عن خِلَاسِ بن عَمْرٍو، عن عليٍّ ﵁، في رجلٍ تزوَّج امرأةً فطلَّقها قبل أن يَدْخُلَ بها، أَيَتَزَوَّجُ أَمَّها؟ قال: هي بمنزلة الرَّبِيبةِ (٢).
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "موضع"، وفى م: "فوضع". ولعل الصواب ما أثبت، وينظر تعليق الشيخ شاكر. (٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ١٧١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩١١ (٥٠٨٥) من طريق سعيد بن أبي عروبة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٣٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.