أَنْفُسِكُمْ﴾، تَعْرِفونه، لا من غيركم فتَتَّهِمُوه على أنفسكم في النصيحة لكم، ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ﴾. أي: عزيزٌ عليه عَنتُكم، وهو دخولُ المَشَقَّةِ عليهم والمكروه والأذى، ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾. يقولُ: حريصٌ على هُدَى ضُلَّالِكم وتوبتهم ورجوعهم إلى الحقِّ، ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾. أي: رفيقٌ رَحِيمٌ.
وبنحو الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا ابن عُيينةَ، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه في قوله ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ﴾. قال: لم يُصِبْه شيءٌ من شِرْكِ في ولادته (١).
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاق، قال: أخبرَنا ابن عُيينةً، عن جعفر بن محمدٍ في قوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾. قال: لم يُصبه شيءٌ من ولادة الجاهلية. قال: وقال النبيُّ ﷺ: "إِنّى خَرَجْتُ مِن نكاحٍ ولم أخرُج من سفاحٍ"(٢).
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرزاقِ، عن ابن عُيَينةَ، عن جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيه نحوَه.
حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩١٧، والبيهقى ٧/ ١٩٠ من طريق سفيان به. بلفظ الأثر بعده، وفيهما الزيادة المرفوعة أيضًا. (٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٩١. ينظر طرق المرفوع وتخريجها في البداية والنهاية ٣/ ٣٦٢ - ٣٦٤.