وكذلك تقولُ العرب لكلِّ مُعْطٍ قاهرًا له شيئًا، طائعا له أو كارهًا: أعطاه عن يده، وعن يدٍ. وذلك نظير قولهم: كَلَّمتُه فمًا لفمٍ، ولَقِيتُه كَفَّةً لكَفَّةٍ، وكذلك أعطيتُه عن يد ليد.
وأمَّا قولُه: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون. يقال للذليلِ الحقير: صاغِرٌ.
وذكر أن هذه الآية نَزَلَت على رسول الله ﷺ في أمره بحرب الروم، فَغَزا رسول الله ﷺ بعد نزولها غزوة تبوك.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمد بن عمرٍو (١)، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾: حين أُمِر محمد وأصحابه بغزوة تبوكَ (٢).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهد نحوه.
واختلف أهل التأويلِ في معنى الصَّغارِ الذي غناه الله في هذا الموضع؛
فقال بعضُهم: أن يُعْطِيَها وهو قائمٌ، والآخِذُ جالسٌ.