كالذي حدَّثني عبدُ الكريمِ بنُ الهيثمِ، قال: ثنا إبراهيمُ بن بشارٍ، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو سعدٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: لما رأتِ السَّحَرَةُ ما رأت، عرَفت أن ذلك أمرُ (١) السماء وليس بسحرٍ، فخرُّوا سجدًا، وقالوا: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾.
يقولُ تعالى ذكرُه: قال فرعونُ للسحرةِ إذ آمنوا باللهِ، يعنى: صدَّقوا رسولَه موسى، لِمَا عاينوا مِن عظيمِ [قدرةِ اللهِ](٢) وسلطانِه: ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾. يقولُ: أصدَّقتم بموسى وأقررتم بنبوَّتِه ﴿قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ بالإيمانِ به، ﴿إِنَّ هَذَا﴾. يقول: إن تصديقكم إياه وإقرارَكم بنبوَّتِه ﴿لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ﴾. يَقولُ لخُدْعةٌ خدَعتم بها مَن في مدينتِنا لِتُخْرِجُوهم منها، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾. [يقولُ: فسوف تعلَمون](٣) ما أفعلُ بكم، وتَلْقَون مِن عقابي إياكم على صنيعِكِم هذا.
وكان مكرُهم ذلك فيما حدَّثني به موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في حديثٍ ذكَرَه عن أبي مالكٍ، [وعن أبي صالحٍ](٤)، عن ابن عباسٍ، وعن مُرَّةً، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ: التقى موسى وأميرُ السَّحَرةِ، فقال له موسى: أرأَيْتُك إن غلبتُك، أتؤمنُ بي وتشْهَدُ أنَّ ما جئْتُ به حقٌّ؟ قال السَّاحرُ: لآتينَّ غدًا بسحرٍ لا يَغْلِبُه سحرٌ، فواللهِ لئن غلَبتنى لأُومِنَنَّ بك (٥)، ولأشهدَنَّ أنك حقٌّ. وفرعونُ ينظرُ
(١) بعده في م: "من" (٢) في الأصل: "قدرته". (٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف. (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "وعن أبي طلحة"، وفى م: "وعلى بن أبي طلحة". (٥) في الأصل: "لك".