حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، أنهم سأَلوا أن يُحوَّل الصفا ذهبًا، قال اللهُ: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾. قال ابن جريجٍ: لم يأتِ قريةً بآيةٍ فيُكَذِّبوا بها إلا عُذِّبوا، فلو جُعِلتْ لهم الصَّفا ذهبًا ثم لم يؤمنوا عُذِّبوا (٢).
و "أن" الأُولى التي مع ﴿مَنَعَنَا﴾، في موضعِ نصبٍ بوقوعِ "مَنَعنا" عليها، و "أن" الثانيةُ رفعٌ؛ لأن معنَى الكلامِ: وما منَعَنا إرسالَ الآياتِ إلا تكذيبُ الأوَّلين من الأممِ، فالفعلُ لـ "أن" الثانيةِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: وقد سأَل الآياتِ يا محمدُ مِن قبلِ قومِك ثمودُ، فآتيَناها ما سأَلت، وجعَلنا تلك الآية ناقةً مبصرةً. جعَل الإبصارَ للناقةِ، كما تقولُ للشَّجَّةِ: مُوضِحةٌ (٣)، و: هذه حجةٌ مبينةٌ. وإنما عنَى بالمبصِرةِ (٤): المضيئةَ البيِّنةَ التي مَن يراها كانوا أهلَ بصرٍ بها، أنها للهِ حجةٌ، كما قيل: ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ [يونس: ٦٧].
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾. أي: بيِّنةً.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٩٠ إلى المصنف، وينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٨٧. (٢) ينظر تفسير القرطبي ١٠/ ٢٨١، وابن كثير ٨٧. (٣) الشجة: واحدة شجاج الرأس، والموضحة: التي تبلغ إلى العظم. اللسان (ش ج ج). (٤) في ت ١، ت ٢، ف: "بالبصر".