وأما قوله: ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾. فإن [معناه: يبغون بكم الفتنة. يقول](١): يطلبون لكم ما تَفْتِنُون (٢) به عن مَخْرَجِكم في مَغْزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه. يقالُ منه: بَغَيتُه الشَّرَّ، وبَغَيتُه الخيرَ، أَبْغِيه بُغَاء. إذا الْتَمَسْتَه له، بمعنى: بَغَيتُ له. وكذلك عَكَمتك (٣)، وحَلَبتك. بمعنى: حَلَبَتُ لك، وعَكَمتُ لك. وإذا أرادوا: أَعَنتُك على التماسه وطَلَبِه، قالوا: أبْغَيتُك كذا، وأحلبتك وأعكمتك. أي أعَنتُك عليه.
وبنحو الذي قُلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الأَعْلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادة: ﴿وَلأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ﴾: بينكم، ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ بذلك (٤).
حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَلأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ﴾. يقولُ: ولأوضَعوا أسلحتهم خلالكم، بالفتنة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾: يُبَطِّئونكم. قال: رفاعةُ بنُ التابوتِ، وعبد الله بن أُبيٍّ ابن سَلول، وأوسُ بنُ قَيْظِيٍّ (٥).
(١) في م: "معنى يبغونكم الفتنة". (٢) في م: "تفتنون". (٣) عَكَم المتاع يعكمُه عَكمًا: شده بثوب. وهو أن يبسطه ويجعل فيه المتاع ويشده ويسمى حينئذ عكمًا. اللسان (ع ك م). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٠٨ من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٧٦ عن معمر به. (٥) تفسير مجاهد ص ٣٦٩، ٣٧٠. ومن طريقه ابن أبي حاتم ٦/ ١٨٠٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٤٧ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ.