يقولُ تعالى ذكرُه: وما يُعْطَى دفعَ السيئةِ بالحسنةِ إلا الذين صبَروا للَّهِ على المكارِه والأمورِ الشاقةِ وقال: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾. ولم يَقُلْ: وما يُلَقَّاه؛ لأن معنى الكلامِ: وما يُلَقَّى هذه الفعلةَ من دفعِ السيئةِ بالتي هي أحسنُ.
وقولُه: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)﴾. يقولُ: وما يُلَقَّى هذه إلا ذو نصيبٍ وجَدٍّ، له سابقٌ في المَبَرَّاتِ (١) عظيمٌ.
كما حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾: ذو جَدٍّ (٢).
وقيل: إن ذلك الحظَّ الذي أخبَر اللَّهُ جل ثناؤُه في هذه الآيةِ أنه لهؤلاء القومِ، هو الجنةُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾. والحظُّ العظيمُ: الجنةُ (٣).
ذُكِر لنا أن أبا بكرٍ ﵁ شتَمه رجلٌ، ونبيُّ اللَّهِ ﷺ شاهدٌ، فعفا عنه ساعةً، ثم إن أبا بكرٍ جاش به الغضبُ فردَّ عليه، فقام النبيُّ ﷺ، فاتَّبعه أبو بكرٍ،
(١) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "الميراث". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٨ إلى ابن أبي حاتم. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨٨ عن معمر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٦٥ إلى عبد بن حميد.