حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾. قال: الباطلُ هو الشيطانُ، لا يَسْتطيعُ أن يَزِيدَ فيه حرفًا ولا يَنْقُصَ (١).
وأولى الأقوالِ في ذلك عندَنا بالصوابِ أن يُقال: معناه: لا يَسْتطيعُ ذو باطلٍ بكَيْدِه تغييرَه (٢) وتبديلَ شيءٍ من معانيه عما هو به، وذلك هو الإتيانُ من بين يدَيْه، ولا إلحاقَ ما ليس منه فيه، وذلك إتيانُه من خلفِه.
وقولُه: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هو تنزيلٌ من عندِ ذى حكمةٍ بتدبيرِ عبادِه، وصرفِهم فيما فيه مصالِحُهم. ﴿حَمِيدٍ﴾. يقولُ: محمودٍ على نعمِه عليهم بأياديه عندَهم.
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ما (٣) يقولُ لك هؤلاء المشرِكون المكذِّبون ما جِئتهم به من عندِ ربِّك، إلا ما قد قاله من قبلَهم من الأممِ لرسلِهم الذين كانوا من قبلِك. يقولُ له: فاصبِر على ما نالك من أذًى منهم، كما صبَر أولو العزمِ من الرسلِ ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ [القلم: ٤٨].
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) ذكره الطوسى في التبيان ٩/ ١٢٩، والبغوى في تفسيره ٧/ ١٧٦، والقرطبى في تفسيره ١٥/ ٣٦٧. (٢) بعده في م، ص، ت ١، ت ٢: "بكيده". (٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٣.