الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾. يقولُ: يميزَ المؤمنَ من الكافرِ، فيجعلَ الخَبيثَ بعضَه على بعضٍ (١).
ويعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿[وَيَجْعَلَ](٢) الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ﴾: فيجعَلَ الكفارَ بعضَهم فوقَ بعضٍ، ﴿فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا﴾. يقولُ: فيجعَلَهم رُكامًا، وهو أن يجمَعَ بعضَهم إلى بعضٍ حتى يكثُروا، كما قال جلَّ ثناؤُه في صفةِ السحابِ: ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾ [النور: ٤٣]، أي: مجتمِعًا كثيفًا.
وكما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا﴾. قال: فيجمَعَه جميعًا بعضَه على بعضٍ (٣).
وقولُه: ﴿فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمْ﴾. يقولُ: فيجعَلَ الخبيثَ جميعًا في جهنمَ.
فوحَّد الخبرَ عنهم لتوحيدِ قولِه: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ﴾. ثم قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾، فجمَع ولم يقلْ: ذلك هو الخاسرُ. فردَّه إلى أوَّلِ الخبرِ. ويعنى بـ ﴿أُولَئِكَ﴾: الذين كفَروا، وتأويلُه: هؤلاء الذين ينفقون أموالَهم ليصدُّوا عن سبيلِ اللهِ هم الخاسرون. ويعنى بقولِه: ﴿الْخَاسِرُونَ﴾. الذين غُبِنت صفقتُهم وخسِرت تجارتُهم، وذلك أنهم شرَوْا بأموالِهم عذابَ اللهِ فى الآخرةِ، وتعجَّلوا بإنفاقِهم إيَّاها، فيما أنفقوا من قتالِ نبىِّ اللهِ والمؤمنين به، الخزىَ والذُّلَّ.
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: قل يا محمدُ للذين كفَروا من مشركي
(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٩٩ من طريق أحمد بن مفضل به. (٢) في النسخ: "فيجعل". (٣) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٩٩ من طريق أصبغ ابن زيد.