فتعالَوْا (١) نَبْكي: ونتضرَّعُ (٢) إلى اللهِ، قال: فبَكَوا، فلمَّا رَأَوْا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالَوا، فإِنَّما أدرك أهل الجنة الجنةَ بالصبر، [تعالَوا نصبِرْ](٣)، فصبروا صبرًا لم يُرَ مثلُه، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ (٤).
يقول تعالى ذكره: وقال إبليسُ لمَّا قُضِى الأمرُ؛ يعنى لَمَّا أُدخِل أهل الجنة الجنةَ، وأهل النار النارَ، واستقر بكلِّ فريق منهم قَرارُهم: إِنَّ اللَّهَ وعَدَكم - أيُّها الأتباعُ - النار، ووعدتكم النُّصْرةَ، فأَخْلَفْتُكم وعدى، ووفَّى الله لكم بوعده. ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾. يقولُ: وما كان لي عليكم فيما وعدتكم (٥) من النُّصرة، من حُجَّةٍ تَثْبُتُ لي عليكم بصدق قولى. ﴿إِلَّا أَن دَعَوْتُكُم﴾. وهذا هذا من الاستثناء المنقطع عن الأوّل، كما تقولُ: ما ضربته إلا أنه أحمقُ. ومعناه: ولكن دعوتُكم [﴿فَاسْتَجَبْتُم لِي﴾. يقول: إلا أن دعوتكم إلى طاعتي ومعصية الله](٦)، فاستجبتُم لدعائى [فَلَا تَلُومُونِي﴾ على إجابتكم إِيَّايَ.
(١) في ص، ت ٢، ف: "فقالوا". (٢) في ص، ت ٢: "نضرع". (٣) ليس في: ت ١، والدر المنثور. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٤ إلى المصنف بنحوه. (٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "دعوتكم". (٦) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.