يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾: من خطيئاتِهم ﴿أُغْرِقُوا﴾.
والعربُ تَجْعَلُ "ما" صلةً فيما نُوِى به مذهبُ الجزاءِ، كما يُقالُ: أينَما تَكُنْ أَكُنْ، وحيثما تَجْلِسْ أَجْلِسْ. ومعنى الكلامِ: من خطيئاتِهم ما (٢) أُغْرِقوا.
وكان ابنُ زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ فى قولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾. قال: فبخطيئاتِهم ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.
وكانت الباءُ هاهنا فصلًا فى كلامِ العربِ.
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ قولَه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا﴾. قال: بخطيئاتِهم أُغْرِقوا.
واختلَفت القرَأَةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرَأةِ الأمصارِ غيرَ أبي عمرٍو: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ بالهمزِ والتاءِ. وقرَأ ذلك أبو عمرٍو:(ممَّا خَطاياهُمْ) بالألفِ بغيرِ همزٍ (٣).
والقولُ عندَنا أنهما قراءتان مَعْرُوفتان، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فهو مُصيبٌ.