زيدٍ: قال رجلُ لأبي: يا أبا أُسامةَ، أرأيتَ قولَ اللهِ جلّ ثناؤُه: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾؟ فقال له أبى: إنما هذا لشُعَراءِ المُشْرِكين، وليس شعراءَ المؤمنين، ألَا تَرَى أنه يقولُ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ إلى آخِرِه. فقال: فَرَّجْتَ عنى يا أبا أُسامةَ، فَرَّجَ اللهُ عنك (١).
وقولُه: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. وهذا استثناءٌ مِن قولِه: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾، ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. وذُكر أن هذا الاستثناءَ نزَل في شعراءِ رسولِ اللهِ ﷺ؛ كحسانَ بن ثابتٍ، وكعبِ بن مالكٍ، ثم هو لكلِّ مَن كان بالصفةِ التي وصَفه اللهُ بها.
وبالذي قُلنا في ذلك جاءتِ الأخبارُ.
ذكرُ الرواية بذلك
حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ وعليُّ بنُ مجاهدٍ وإبراهيمُ بنُ المُخْتارِ، عن ابن إسحاق، عن يزيدَ بن عبدِ اللهِ بن قُسَيطٍ (٢)، عن أبي الحسنِ سالمٍ البَرَّادِ مولى تَميمٍ الدَّارِيِّ، قال: لمَّا نزلَت: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾. قال: جاء حسانُ بنُ ثابتٍ وعبدُ اللهِ بنُ رواحةَ وكعبُ بنُ مالكٍ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، وهم يَبْكُون، فقالوا: قد علِم اللهُ حينَ أنزَل هذه الآيةَ أنَّا شُعراءُ. فتَلا النبيُّ ﷺ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (٣).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٣٤ من طريق أصبغ، عن ابن زيد به (٢) في ت ١، ت ٢، ت، ف: "قسط". (٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٥١٨، ٥١٩، وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٣٤، ٢٨٣٥ من طريق =