وقال آخرون: بل قال ذلك لرسولِ اللَّهِ ﷺ وأصحابِه من قال ذلك له في غزوةِ بدرٍ الصُّغرى، وذلك في مسيرِ النبيِّ ﷺ من عامِ قابلٍ من وقعةِ أُحدٍ، للقاءِ عدوِّه أبى سفيانَ وأصحابِه، للموعدِ الذي كان واعَده الالتقاءَ بها.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾. قال: هذا أبو سفيانَ، قال لمحمدٍ ﷺ: موعدُكم بدرٌ حيثُ قتَلتُم أصحابَنا. فقال: محمدٌ ﷺ"عسى". فانطلق رسولُ اللَّهِ ﷺ لموعدِه حتى نزَل بدرًا، فوافقوا السوقَ فيها، وابتاعوا، فذلك قولُه ﵎: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾. وهى غزوةُ بدرٍ الصُّغرى (٢).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ، عن مجاهدٍ بنحوِه، وزاد فيه: وهى بدرٌ الصغرى. قال ابن جُريجٍ: لما عمَد النبيُّ ﷺ لموعدِ أبي سفيانَ، فجعَلوا يلقَوْن المشركينَ، ويسألونهم عن قريشٍ، فيقولون: قد جَمعوا لكم. يكِيدونهم بذلك، يريدون أن يَرْعَبوهم، فيقولُ المؤمنون: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ الله. حتى قدِموا بدرًا، فوجَدوا أسواقَها عافيةً لم ينازِعْهم فيها أحدٌ، وقدِم رجلٌ من المشركين، فأَخْبَر أهلَ مكةَ بخيلِ محمدٍ ﵇، وقال
(١) أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص ٩٧ من طريق سعيد به. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٨١٩ (٤٥٢٣) من طريق ابن أبي نجيح به.