واختلَف أهلُ العلمِ في وجهِ مكاتبةِ الرجلِ عبدَه الذي قد علِم فيه خيرًا، وهل قولُه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ على وجهِ الفرضِ، أم هو على وجهِ الندبِ؟ فقال بعضُهم: فرضٌ على الرجلِ أن يكاتبَ عبدَه الذي قد علِم فيه خيرًا، إذا سأله العبد ذلك.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا ابن جُرَيجٍ، قال: قلتُ لعطاءٍ: أواجبٌ عليَّ إذا علمِتُ مالًا أن أكاتبَه؟ قال: ما أرَاه إلا واجبًا. وقالها عمرُو بنُ دينارٍ، قال: قلتُ لعطاءٍ: أتأثِرُه عن أحدٍ؟ قال: لا (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتَادةَ، عن أنسِ بن مالكٍ، أنَّ سيرينَ أراد أن يكاتبَه، فتلكَّأ عليه، فقال له عمرُ: لتُكاتبنَّه (٢).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: لا ينبغى لرجلٍ إذا كان عندَه المملوكُ الصالحُ الذي له
(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٨/ ٣٧١، والبيهقى ١٠/ ٣١٩ من طريق ابن جريج به، وينظر الفتح ٥/ ١٨٥، ١٨٦. (٢) أخرجه البيهقى ١٠/ ٣١٩ من طريق سعيد به، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٨/ ٣٧١، ٣٧٢ من طريق قتادة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٤٥ إلى عبد بن حميد، وقال ابن كثير في تفسيره ٦/ ٥٦: إسناده صحيح. وينظر الفتح ٥/ ١٨٥، ١٨٦.