فالربانيون إذنْ هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمورِ الدينِ والدنيا؛ ولذلك قال مجاهدٌ: وهم فوقَ الأحْبار. لأنَّ الأحبارَ هم العلماءُ، والربانيُّ الجامعُ إلى العلمِ والفقه البصرَ بالسياسةِ والتدْبير، والقيامِ بأمورِ الرَّعية، وما يُصلحُهم في دنياهم ودينِهم.
من: ﴿تُعَلِّمُونَ﴾ وتشديد اللَّام (٢)، بمعنى: بتعليمِكم الناس الكتاب، ودرَاستِكم إيَّاه. واعتلُّوا لاختيارِهم ذلك بأنّ من وصَفهم بالتعليم فقد وصَفهم بالعلْم، إذ لا يُعلِّمون إلا بعدَ عِلْمِهِم بما يُعَلِّمون.
قالوا: ولا موصوفَ بأنه يُعَلِّمُ إِلَّا وهو موصوفٌ بأنه عالمٌ. قالوا: فأما الموصوفُ بأنه عالمٌ، فغيرُ موصوفٍ بأنه مُعلِّمُ غيره. قالوا: فأوْلى القراءتينِ بالصّوابِ أبلَغُهما في مدحِ القوم، وذلك وصْفُهم بأنهم كانوا يُعلِّمون الناسَ الكتابَ.
(١) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. السبعة لابن مجاهد ص ٢١٣. (٢) وهى قراءة عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي. المصدر السابق.