وضيَّعوه، ونقضُوا ميثاقَه الذي أخَذ (١) عليهم بذلك، فكتَموا أمرَك، وكذَّبوا بك، ﴿وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾. يقولُ: وابتاعُوا بكتمانِهم ما أخَذ عليهم الميثاقَ ألَّا يكتُموه من أمرِ نبوَّتِك، عِوضًا منه، خسيسًا قليلًا من عَرَضِ الدنيا. ثم ذمَّ جَلَّ ثناؤُه شراءَهم ما اشْتَرَوا به من ذلك، فقال: ﴿فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾.
واخْتَلف أهلُ التأويلِ في من عُنِى بهذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها اليهودَ خاصَّةً.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكيرٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبي محمدٍ مولى زيدِ بن ثابتٍ، عن عكرمةَ، أنه حدَّثه عن ابن عباسٍ:(وَإذْ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذيِن أُوتُوا الكِتابَ لَيُبَيِّنُنَّهُ للنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ). إلى قولِه: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يعنى: فِنحاصَ وأشيعَ، وأشباهَهما من الأحبارِ (٢).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن أبي محمدٍ مولى آل زيدِ بن ثابتٍ، عن عكرمةَ مولى ابن عباسٍ مثلَه (٣).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه:(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَبَ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ). كان أمَرهم أن يتَّبعوا النبيَّ الأُمِّيَّ الذي يؤمنُ باللَّهِ وكلماتِه، وقال: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٨].
(١) في س: "أخذه". (٢) جزء من الأثر المتقدم تخريجه في ص ١٩٤. (٣) سيرة ابن هشام ١/ ٥٥٩، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٣٨ (٤٦٤٠) من طريق سلمة به.