حدَّثني محمد بن عمارةَ، قال: ثنا عبيدُ (١) اللَّهِ بن موسى، قال: أخبرنا أبو لَيْلَى، عن بُريدةَ: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾. قال: الحساب القيمُ، ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقول تعالى ذكرُه: ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون أن الدين الذي أمَرتُك يا محمد به بقوله: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾. هو الدين الحقُّ، دونَ سائرِ الأديانِ غيرِه.
يعنى تعالى ذكره بقوله: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾: تائبين راجعين إلى الله مقبلين.
كما حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾. قال: المنيبُ إلى اللَّهِ: المطيعُ للَّهِ، الذي أناب إلى طاعةِ اللَّهِ وأمره، ورجع عن الأمور التي كان عليها قبل ذلك؛ كان القومُ كفارًا، فنزَعوا ورجعوا إلى الإسلام (٢).
وتأويل الكلام: فأقم وجهَك يا محمد للدين حنيفًا، ﴿مُنيبِينَ إِلَيْهِ﴾: إلى اللَّهِ. فالمنيبون حالٌ مِن الكاف التي في ﴿وَجْهَكَ﴾.
فإن قال قائل: وكيفَ يكونُ حالا منها، والكاف كنايةٌ عن واحد، والمنيبون صفة لجماعةٍ؟ قيل: لأن الأمر لمنِ (٣) الكافُ كنايةُ اسمِه مِن اللَّه في هذا الموضعِ، أمرٌ
(١) في م: "عبد". (٢) ينظر تفسير ابن كثير ٦/ ٣٢٠. (٣) في م: "من".