اختلف أهلُ التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضُهم: عُنِى بذلك قومٌ من أهل النفاقِ كانوا يقعُدون خِلافَ رسول الله ﷺ إذا غَزا العدوَّ، فإذا انصرف رسولُ الله ﷺ اعتذروا إليه، وأحبُّوا أن يُحْمَدوا بما لم يفعلوا.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بن سهلٍ بن عَسكرٍ وابنُ عبدِ الرحيم البرقيُّ، قالا: ثنا ابن أبى مريمَ، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفر بن أبى كثيرٍ، قال: ثنى زيدُ بنُ أسلمَ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدْرِيِّ، أن رجالًا من المنافقين كانوا على عهد رسول الله ﷺ إذا خرَج النبيُّ ﷺ إلى الغزو، تخلَّفوا عنه، وفرحوا بمقعَدِهم خِلافَ رسول الله ﷺ، فإذا قدم النبيُّ من السفر اعتذروا إليه، وأحبُّوا أن يُحْمَدوا بما لم يفعلوا، فأَنْزَل الله تعالى فيهم: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ الآية (٢).
حدَّثني يونسُ، قال: أخْبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾. قال: هؤلاء المنافقون يقولون للنبيِّ ﷺ: لو قد خرَجتَ لخرَجنا معك. فإذا خرَج النبيُّ ﷺ
(١) تفسير مجاهد ص ٢٦٣، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٣٧ (٤٦٣٨). وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٢) أخرجه مسلم (٢٧٧٧) عن محمد بن سهل به، وأخرجه البخارى (٤٥٦٧)، ومسلم (٢٧٧٧)، وابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٨٣٩ (٤٦٤٦)، والبيهقى في الشعب (٤٧٨٢)، والواحدى في أسباب النزول ص ١٠١ من طريق ابن أبي مريم به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٨ إلى ابن المنذر.