القومُ ضربتُ مَن قام. يقولُ: المعنى التقرير (١): أفأنت تُنقذ من في النار منهم. وإنما معنى الكلمة: أفأنت تَهْدِى يا محمد من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمانِ، فتُنْقِذَه من النار بالإيمانِ؟ لستَ على ذلك بقادرٍ.
وقوله: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾. يقول تعالى ذكره: لكن الذين اتَّقَوا ربَّهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه، لهم في الجنة غُرفٌ من فوقها غرف مبنيةٌ، عَلاليَّ بعضُها فوق بعض، ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقول تعالى ذكره: تَجرى من تحت أشجارها (٢)؛ جَنَّاتِها الأنهار.
وقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: وعَدْنا هذه الغُرَفَ التي من فوقها غرفٌ مبنية في الجنة، هؤلاء المتقين، ﴿لا يُخلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ﴾. يقول جل ثناؤه: والله لا يُخلفهم وعده، ولكنه يُوفي بوعده.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ يا محمد، ﴿أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ وهو المطرُ، ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: فأجراه عيونا في الأرضِ، واحدُها يَنبوعٌ، وهو ما جاشَ (٣) مِن الأرض.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) في النسخ: "التجرية"، ولعله تصحيف. ينظر تفسير القرطبي ١٥/ ٢٤٤، ٢٤٥، والبحر المحيط ٧/ ٤٢١. (٢) في م: "أشجار"، ولعل: "جناتها" بدلا من: "أشجارها". (٣) جاش الماء: تَدَفَّق وجرى. الوسيط (ج ى ش).