يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾: [ولمَّا جاء](١) أحبارَ اليهودِ وعلماءَها مِن بنى إسرائيل ﴿رَسُولٌ﴾ يعنى بالرسولِ محمدًا ﷺ.
كما حدَّثنى موسى بنُ هارونَ قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ﴾. قال: لمَّا جاءهم محمدٌ ﷺ(٢).
وأما قولُه: ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾. فإنه يَعنى به أن محمدًا ﷺ يُصدِّقُ التوراةَ، والتوراةُ تصدِّقُه في أنه نبىٌّ للهِ مبعوثٌ إلى خلقِه.
وأما تأويلُ قولِه: ﴿لِمَا مَعَهُمْ﴾ فإنه: للذِى (٣) هو مع اليهودِ، وهو التوراةُ. فأخبَر اللهُ جلَّ ثناؤه أن اليهودَ لمَّا جاءهم رسولٌ (٤) مِن اللهِ بتصديقِ ما في أيديهم مِن التوراةِ، بأن محمدًا ﷺ نبىٌّ للهِ؛ ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ﴾. يعنى بذلك أنهم جحَدوه ورفَضوه بعدَ أن كانوا به مقرِّين؛ حسدًا منهم له وبغيًا عليه.
وقولُه: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾. وهم علماءُ اليهودِ الذين أعطاهم اللهُ العلمَ بالتوراةِ وما فيها. ويعنى بقولِه: ﴿كِتَابَ اللَّهِ﴾: التوراةَ. وبقولِه: نَبَذوه ﴿وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾: جعَلوه وراء ظهورِهم. وهذا مثَلٌ، يقالُ لكلِّ رافضٍ أمرًا
(١) سقط من: م. (٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٨٤ (٩٧٧) من طريق عمرو بن حماد به. (٣) في الأصل: "الذي". (٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رسول الله ﷺ".