الباطلُ، ﴿مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾. يَعْنى: على مَن يشاءُ مِن رسلِه، ﴿أَنْ أَنْذِرُوا﴾. فـ "أن" الأولى (١) في موضعِ خفضٍ، ردًّا على الروحِ، والثانيةُ في موضعِ نَصْبٍ بـ "أنذروا". ومعنى الكلامِ: يُنزِّلُ الملائكةَ بالروحِ مِن أمرِه على مَن يشاءُ مِن عبادِه، بأن أنذِروا عبادى سطْوَتى على كُفرِهم بي، وإشراكِهم في اتخاذِهم معىَ الآلهةَ والأوثانَ، فإنه ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾. يَقولُ: لا تَنْبَغى الأُلوهةُ إلَّا لي، ولا يَصْلُحُ أَن يُعْبَدَ شَيءٌ سواى، ﴿فَاتَّقُونِ﴾. يقولُ: فاحذَروني؛ بأداءِ فرائضِى، وإفرادِ العبادةِ، وإخلاصِ الربوبيةِ لى، فإن ذلك نجاتُكم مِن الهَلَكَةِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا المُثَنَّى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾. يقولُ: بالوحيِ (٢).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾. يقولُ: يُنَزِّلُ الملائكةَ.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، وحدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، وحدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، عن ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قولِ اللَّهِ: ﴿بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ﴾: إنه لا
(١) غير واضحة في ت ١، وفى ص، ت ٢، ف: "الأول". (٢) عزاء السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٠ إلى المصنف وابن أبي حاتم.