وقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وما هذا القرآنُ بقولِ شيطانٍ ملعونٍ مطرودٍ، ولكنه كلامُ اللهِ ووحيه.
وقوله: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فأينَ تذهَبون عن هذا القرآنِ، وتعدِلون عنه؟ وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾: يقولُ: فأينَ تعدِلون عن كتابى وطاعتى؟ (١)
وقيل: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾. ولم يُقَل: فإلى أينَ تذهَبون؟ كما يقالُ: ذَهَبتُ الشامَ. وذهَبتُ السوق. وحُكِى عن العربِ سماعًا: انطُلِقَ به الفورَ (٢). على معنى إلقاءِ (٣) الصفةِ، وقد يُنشَدُ لبعض بنى عُقيلٍ (٤):
تَصِيحُ بنا حَنِيفَةُ إِذْ رَأَتْنا … وأيَّ الأرضِ تذهَبُ للصِّياحِ
بمعنى: إلى أيِّ الأرضِ تذهَبُ؟ واستُجِيزَ إلقاءُ الصفةٍ في ذلك للاستعمالِ.
يقول تعالى ذكره: إنْ هذا القرآن - وقوله: ﴿هُوَ﴾. من ذكر القرآن - ﴿إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾. يقول: إلا تذكرةٌ وعظةٌ للعالمين من الجنِّ والإنسِ، ﴿لِمَنْ
(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ٢٤٣، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٦٢. (٢) في م، ت ١: "الغور"، وغير منقوطة في ت ٢، ت ٣. (٣) في ص، م، ت ١: "إلغاء". والمراد بالصفة حرف الجر. (٤) البيت في معاني القرآن للقراء ٣/ ٢٤٣، وتفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٣.