وهذا القولُ من اللَّهِ جلَّ ثناؤُه تكذيبٌ للمنافقين في دَعْواهم إذا (١) أُمِروا بطاعةِ اللَّهِ فيما أمَرهم اللَّهُ به، ونُهوا عن معصيةِ اللَّهِ فيما نهاهم اللَّهُ عنه، قالوا: إنما نحن مُصلحون لا مُفسدون، ونحن على رُشْدٍ وهُدًى فيما أنْكَرْتموه علينا دونَكم، لا ضالُّون. فكذَّبهم اللَّهُ - جلّ وعزّ - في ذلك من قِيلِهم، فقال: ألا إنهم هم المُفْسِدون المخالفون أمرَ اللَّهِ - جلَّ وعزَّ -، المتعدُّون، حدودَه، الراكبون معصيتَه، التاركون فروضَه، وهم لا يَشْعُرون ولا يَدْرُون أنهم كذلك، لا الذين يَأْمُرونهم بالقسطِ من المؤمنين، ويَنْهَوْنهم عن معاصي اللَّهِ - جلّ وعز - في أرضِه من المسلمين.
قال أبو جعفرٍ: وتأويلُ قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وصَفَهم اللَّهُ ونَعَتهم بأنَّهم يقولون: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾: صَدِّقوا بمحمدٍ ﷺ(٢) وبما جاء به من عندِ اللَّهِ، كما صدَّق به الناسُ. ويعني بـ ﴿النَّاسُ﴾: المؤمنين الذين آمنوا بمحمدٍ ونبوَّتِه وما جاء به من عندِ اللَّهِ.
كما حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ (٣) بنُ سعيدٍ، عن بِشرِ بنِ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا
(١) في ر، ت ٢: "إذ". (٢) بعده في ص: "ونبوته". (٣) في ص: "عمار".