حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾. قال: جاء عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ بأربعين أُوقيةً من ذهبٍ إلى النبيِّ ﷺ، وجاءه رجلٌ مِن الأنصارِ بصَاعٍ مِن طعامٍ، فقال بعضُ المُنافِقين: واللهِ ما جاء عبدُ الرحمنِ بما جاء به إلا رياءً. وقالوا: إن كان اللهُ ورسولُه لَغَنِيَّيْن عن هذا الصَّاعِ (١).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي: عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾: وذلك أن رسولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ إِلى الناسِ يومًا فنادَى فيهم أن اجْمَعُوا صَدَقَاتِكم فجَمَع الناسُ صدقاتِهم، ثم جاء رجلٌ مِن آخرهم (٢) بمَنٍّ مِن تمرٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هذا صاعٌ مِن تمرٍ، بِتُّ ليلتي أَجرُّ بالجريرِ (٣) الماءَ حتى نِلْتُ صاعَين مِن تمرٍ، فأمْسَكَتُ أحدَهما وأَتيتُكَ بالآخرِ. فأمَرَه رسولُ اللهِ ﷺ أن ينثُرَه في الصدقاتِ، فسخِرَ منه رجالٌ وقالوا: واللهِ إِنَّ الله ورسولَه لغنيانِ عن هذا، وما يصنعانِ بصاعِك من شيءٍ. ثمَّ إِنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ - رجلٌ من قريشٍ من بَنِي زُهْرَةَ - قال لرسولِ اللهِ ﷺ: هل بَقِى مِن أحدٍ مِن
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٠، وابن مردويه - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٢/ ٨٩ من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٢ إلى ابن المنذر. (٢) في م: "أحوجهم". (٣) في ص، ف: "بالحرير" غير منقوطة والجرير: حبل من أدَم نحو الزمام، ويطلق على غيره من الحبال المضفورة. ينظر النهاية ١/ ٢٥٩.