وقولُه: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ﴾. يقولُ: وعايَن المشركون النارَ يومَئذٍ: ﴿فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾. يقولُ: فعَلِموا أَنَّهم داخِلُوها. كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾. قال: عَلِموا (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: أخبَرني عمرُو بنُ الحارثِ، عن درَّاجٍ، عن أبى الهيثمِ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن رسولِ اللهِ ﷺ، أَنَّه قال:"إِنَّ الكافرَ ليَرَى جَهَنَّمَ فَيَظُنُّ أنَّها مُواقِعَتُه مِن مَسيرَةِ أَرْبَعينَ سَنَة"(٢).
وقولُه: ﴿وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾. يقولُ: ولم يجِدوا عن النَّارِ التي رأَوا مَعْدِلًا يَعْدِلون عنها إليه، يقولُ: لم يجدوا من مواقعتِها بُدًّا؛ لأنَّ اللهَ قد حتَّم عليهم ذلك.
ومن المَصْرِفِ بمعنى المَعْدِلِ قولُ أبي كبيرٍ (٣) الهذليِّ:
أَزُهَيْرُ هلْ عن شَيبَةٍ مِن مَصْرِفٍ … أمْ لا خُلُودَ لباذِلٍ مُتَكَلِّفِ
يقولُ عزَّ ذكرُه: ولقد مثَّلْنا في هذا القرآنِ للنَّاسِ مِن كلِّ مثَلٍ، ووعَظْناهم فيه مِن كلِّ عِظَةٍ، واحتَجَجْنا عليهم بكلِّ حُجَّةٍ ليتذكَّروا فيُنِيبُوا، ويَعْتَبِروا فيَتَّعِظوا،
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٤٠٤. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٢٨ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) أخرجه الحاكم ٤/ ٥٩٧ من طريق عمرٍو بن الحارث. وأخرجه أحمد ١٨/ ٢٤٢، ٢٤٣ (١١٧١٤)، وأبو يعلى (١٣٨٥) من طريق دراج به. (٣) في ت ١: "بكر"، وفي ت ٢، ف: "كثير". والبيت في ديوان الهذليين ٢/ ١٠٤، ومجاز القرآن ١/ ٤٠٧.