يئوسٌ. إذا كان ذلك صفةً له. وقولُه: ﴿كَفُورٌ﴾. يقولُ: هو كفورٌ لمَن أنعَمَ عليه، قليلُ الشكرِ لربِّه المُتَفَضِّلِ عليه بما كان وَهَبَ له مِن نعمتِه
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩)﴾. قال: يا بنَ آدمَ، إذا كانت بك نعمةٌ مِن اللَّهِ من السعةِ والأمنِ والعافيةِ، فكفورٌ لِما بك منها، وإذا نُزِعَت منك [نبْتَغِي قَدْعَكَ وعقلَك](١)، فيئوسٌ مِن رَوحِ اللَّهِ، قَنوطٌ مِن رحمتِه. كذلك المرءُ المنافقُ والكافرُ (٢).
يقولُ تعالى ذكرُه: ولئن نحن بَسَطْنا للإنسانِ في دُنياه، ورَزَقْناه رخاءً في عَيْشِه، ووَسَّعْنا عليه في رِزقِه، وذلك هي النِّعَمُ التي قال جلّ ثناؤُه: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ﴾. وقولُه: ﴿بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ﴾. يقولُ: بعدَ ضيقٍ مِن العيشِ كان فيه، وعُسْرةٍ كان يعالجُها، ﴿لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ليقَولَنَّ عندَ ذلك: ذَهَبَ الضيقُ والعُسْرةُ عني، وزالت الشدائدُ والمكارِهُ. ﴿إِنَّهُ
(١) في م: "يبتغ لك فراغك". والقدع: الكف والمنع. التاج (ق د ع). (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٠٧ من طريق آخر عن ابن جريج، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٢٢ إلى أبي الشيخ مطولًا، وستأتي بقيته قريبا.