رسولى، فتَهْلِكوا [بخِذْلانى إياكمٍ](١)، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. يعنى: ولكن على ربِّكم أيُّها المؤمنون فتَوَكَّلوا دون سائرِ خلقِه، وبه فارْضَوْا مِن جميعِ مَن دونَه، ولقضائِه فاسْتَسْلِموا، وجاهِدوا فيه أعداءَه، يَكْفِكُم بعونِه، ويُمْدِدْكم بنصرِه.
كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾: أَي: إن يَنْصرْك اللهُ فلا غالبَ لك مِن الناسِ، لَن يَضُرَّكَ خِذْلانُ مَن خذَلك، وإن يَخْذُلْك فلن يَنْصُرَك الناسُ، ﴿فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي: لئلّا (٢) تَتْرُكَ أمرى للناسِ، وارْفُضِ (٣) الناسَ لأمرى، ﴿وَعَلَى اللَّهِ (٤) فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (٥).
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾.
اخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ ذلكِ؛ فقرَأَتْه جماعةٌ مِن قرأةِ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ (٦)﴾. بمعنى: أن يَخُونَ أصحابَه فيما أفاء اللهُ عليهم مِن أموالِ أعدائِهم (٧).
(١) في س: "لخذلانى". (٢) في م: "لا". (٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "إن قصر". (٤) بعده في مصادر التخريج: "لا على الناس". (٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٨٠٣ (٤٤٢٥ - ٤٤٢٧) من طريق سلمة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩١ إلى ابن المنذر. (٦) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٢١٨. (٧) في س: "عدوهم".