﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾ القرآن (١)، يقول تعالى ذكرُه: هذا الكتاب الحكيمُ هدًى ورحمة للذين أحسنوا، فعملوا بما فيه من أمرِ اللهِ ونَهْيِه، ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾. يقولُ: الذين يُقيمون الصَّلاةَ المفروضة بحدودها، ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ مَنْ جَعَلها الله له، المفروضة في أموالهم، ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. يقولُ: يفعلون (٢) ذلك، وهم بجزاء الله وثوابه لِمَنْ فعل ذلك في الآخرة يُوقنون.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)﴾.
يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين وصَفْتُ صفتهم على بيانٍ مِن رَبِّهم ونورٍ، ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. يقولُ: وهؤلاء هم المنجحون المدركون ما رَجَوا وأَمَّلوا من ثوابِ رَبِّهم يومَ القيامةِ.
اختلف أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾؛ فقال بعضُهم: مَن يشتَرى الشِّراء المعروف بالثمن، ورَوَوْا بذلك خبرًا عن رسول الله ﷺ، وهو ما حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن خَلَّادٍ الصَّفَّارِ، عن عبيدِ اللَّهِ بن زَحْرٍ، عن عليِّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يَحِلُّ بَيْعُ المُغَنِّيَّاتِ، ولا شِراؤُهُنَّ، ولا التِّجارَةُ فِيهِنَّ، ولا أثمانُهُنَّ، وفيهنَّ نزلت هذه الآيةُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ
(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "وقوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾. (٢) في ت ٢: "يعقلون".