قالوا للنبيِّ ﷺ: أخبِرْنا ما الرُّوحُ، وكيف تعذَّبُ الرُّوحُ التي في الجسدِ، وإنَّما الرُّوحُ مِن الله ﷿؟ ولم يكنْ نزَل عليه فيه شيءٌ، فلم يُحِرْ إليهم شيئًا، فأتاه جِبريلُ ﵇، فقال له: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾. فأخبرَهم النبيُّ ﷺ بذلك، قالوا له: مَن جاءَك بهذا؟ فقال لهم النبيُّ:ﷺ["جاءنى بِه] (١) جِبريلُ مِن عندِ اللَّهِ". فقالوا: واللَّهِ ما قالَه لك إِلَّا عدوٌّ لنا. فأنزَل اللَّهُ تبارَك اسمُه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾ الآيةَ (٢)[البقرة: ٩٧].
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ اللَّهِ، قال: كنتُ أمشى مع النبيِّ ﷺ ذاتَ يومٍ، فمرَرْنا بأُناسٍ اليهودِ، فقالوا: يا أبا القاسمِ، ما الرُّوحُ (٣)؟ فأُسْكِتَ، فرأيتُ أنه يُوحَى إليه، قال: فتنحَّيْتُ عنه إلى سُباطَةٍ (٤)، فنزَلت عليه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآية. فقالتِ اليهودُ: هكذا نجْدُه عندَنا.
واخْتلَف أهلُ التأويلِ في "الرُّوحِ" الذي ذُكِر في هذا الموضعِ ما هي؟ فقال: بعضُهم: هي جبريلُ ﵇.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ:
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "جاء". (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ١١٢ عن العوفي به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٠ إلى ابن مردويه. (٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "ما الروح". (٤) السباطة: الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل، وقيل: هي الكناسة نفسها. النهاية ٢/ ٣٣٥.