يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فعَلنا بهذين الفريقين من إضلالِنا أعمالَ الكافِرين، وتكفيرِنا عن الذين آمَنوا وعمِلوا الصالحاتِ - جزاءٌ منا لكلِّ فريقٍ منهم على فعِله؛ أما الكافِرون فأضلَلْنا أعمالَهم، وجعَلناها على غيرِ استقامةٍ وهدًى؛ بأنهم اتَّبعوا الشيطانَ فأطاعوه، وهو الباطلُ.
كما حدَّثني زكريا بنُ يحيى بن أبي زائدةَ وعباسُ بنُ محمدٍ، قالا: ثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، قال: قال ابن جُرَيجٍ: أخبَرنى خالدٌ أنه سمِع مجاهدًا يقولُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾. قال: الباطلُ الشيطانُ (٢).
وأما المؤمنون فكفَّرنا عنهم سيئاتِهم، وأصلَحنا لهم حالَهم؛ بأنهم اتَّبعوا الحقَّ الذي جاءَهم من ربِّهم، وهو محمدٌ ﷺ، وما جاءَهم به من عندِ ربِّه من النورِ والبرهانِ (٣)، ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾. يقولُ ﷿: كما بيَّنتُ لكم أيُّها الناسُ فِعلى بفريقِ الكفرِ والإيمانِ، كذلك نمثِّلُ للناسِ الأمثالَ، ونشبِّهُ لهم الأشباهَ، فتُلحِقُ بكلِّ قومٍ من الأمثالِ أشكالًا.