هدًى ولا استقامةٍ؛ لأنها عُمِلتْ في طاعةِ الشيطانِ لا في طاعةِ الرحمنِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قولِه: ﴿وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾. قال: الضلالةُ التي أضلَّهم اللهُ؛ لم يهدِهم كما هدَى الآخرين، فإن الضلالةَ التي أخبرك اللهُ: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: ٩٣، فاطر: ٨]. قال: وهؤلاء ممن جعَل اللهُ (١) عمله ضلالًا.
ورُدَّ قولُه: ﴿وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾. على قولِه: ﴿فَتَعْسًا لَهُمْ﴾. وهو فعلٌ ماضٍ، و"التعْسُ" اسمٌ؛ لأن "التَعْسَ" وإن كان اسمًا ففى معنى الفعلِ؛ لما فيه من معنى الدعاءِ، فهو بمعنى: أتعَسَهم اللهُ. فلذلك صلَح ردُّ ﴿وَأَضَلَّ﴾ عليه؛ لأن الدعاءَ يَجرِى مَجرَى الأمرِ والنهيِ، وكذلك قولُه: ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾. مردودةٌ على أمرٍ مضمَرٍ ناصبٍ لـ "ضَرْبَ".
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فعَلنا بهم من الإتعاسِ وإضلالِ الأعمالِ؛ من أجلِ أنهم كرِهوا كتابَنا الذي أنزَلناه إلى نبيِّنا محمدٍ ﷺ وسخِطوه، فكذَّبوا به وقالوا: هو (٢) سحرٌ مبينٌ.
وقولُه: ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: فأبطَل أعمالَهم التي عمِلوها في الدنيا، وذلك عبادتُهم الآلهةَ، لم ينفَعْهم اللهُ بها في الدنيا ولا في الآخرةِ، بل أوبَقَهم بها فأصْلاهم سعيرًا، وهذا حكْمُ اللهِ ﷻ في جميعِ مَن كفَر به من