يقولُ تعالى ذكرُه: معتدلٌ عندَ اللهِ منكم أيها الناسُ، الذي أسرَّ القولَ والذي جهَر به، والذي ﴿هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ في ظلمتِه بمعصيةِ اللهِ، ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾. يقولُ: وظاهرٌ بالنهارِ في ضوئِه، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من ذلك، سواءٌ عنده سِرُّ خلقِه وعلانيتُهم؛ لأنه لا يَسْتَسِرُ عندَه شيءٌ ولا يَخْفَى.
يُقَالُ منه: سَرَب يَسْرُب سُروبًا. إذا ظهرَ، كما قال قيسُ بنُ الخَطِيمِ (١):
يَقُولُ: كيف سرَبتِ (٤) بالليل بُعد هذا الطريقِ، ولم تَكُونِى تَبْرُزِين وتَظْهَرِين. وكان بعضُهم يَقُولُ: هو السالكُ في سِرْبِه: أي في مَذهبِه ومكانِه.
واختلَف أهلُ العلم بكلامِ العربِ في السرْبِ؛ فقال بعضُهم: هو آمنٌ في سَربِه، بفتحِ السينِ، فقال (٥) بعضُهم: هو آمنٌ في سِربِه، بكسرِ السين.
وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولِه: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ
(١) ديوانه ص ١٥. (٢) في ت ١: "سريت" وهى رواية، وينظر الديوان ص ١٥ واللسان (س رب). (٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "مريب". (٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "سرب" وفى م: "سريت". والمثبت هو الصواب. (٥) في ص، ت ٢، س، ف: "وقال"، وفي ت ٢: "قال".