﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. يقولُ: أنذِرْهم كي يَتَّقوا الله في أنفسهم، فيطيعوا ربَّهم، ويَعْمَلُوا لمعادِهم، ويَحْذَروا سخَطَه باجتنابِ معاصيه.
وقيل: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا﴾ ومعناه: يَعْلَمون أنهم يُحْشَرون. فوضعت "المخافةُ" موضعَ "العلمِ"؛ لأن خوفَهم كان مِن أجلِ علمِهم بوُقوع ذلك ووجودِه من غيرِ شكٍّ منهم في ذلك.
وهذا أمرٌ مِن الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا ﷺ بتعليم أصحابه ما أنزَل الله إليه من وحيِه، وتذكيرِهم، والإقبال عليهم بالإنذارِ، [وصدَّ عنه المشركون](١) به بعد الإعذار إليهم، وبعد إقامة الحجةِ عليهم، حتى يكون الله هو الحاكمَ في أمرِهم بما يَشاءُ مِن الحكم فيهم.
ذُكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ في سببِ جماعةٍ من ضعفاءِ المسلمين، قال المشركون له: لو طرَدتَ هؤلاء عنك لغَشَيناك وحضَرنا مجلسَك.
ذكرُ الرواية بذلك
حدَّثنا هنادُ بن السريِّ، قال: ثنا أبو زُبيدٍ (٢)، عن أشعثَ، عن كُردوسٍ الثعلبيِّ، عن ابن مسعودٍ، قال: مرَّ الملأُ من قريش بالنبيِّ ﷺ وعندَه صُهيبٌ وعمارٌ وبلالٌ وخبَّابٌ، ونحوُهم من ضعفاءِ المسلمين، فقالوا: يا محمدُ، رضِيتَ بهؤلاء مِن قومك، أهؤلاء الذين منَّ الله عليهم من بينِنا؟ أنحن نكونُ تَبَعًا لهؤلاء؟ اطْرُدُهم
(١) في م ت ٢: "وصده عن المشركين". (٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "زيد"