ويعنى بقولِه: ﴿نَهْدِي﴾: نُرشِدُ به ونسدِدُ إلى سبيلِ الصوابِ، وذلك الإيمانُ باللَّهِ، ﴿مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾. يقولُ: نهدِى به مَن نشاءُ هدايتَه إلى الطريقِ المستقيمِ مِن عبادِنا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾: يعني محمدًا ﷺ، ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾: يعنى القرآن (١).
وقال جلّ ثناؤُه: ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ﴾. فوحَّد الهاءَ، وقد ذكَر قبلُ الكتابَ والإيمانَ؛ لأنه قصَد به الخبرَ عن الكتابِ. وقد قال بعضُهم: عَنى به الإيمانَ والكتابَ، ولكنه وحَّد الهاءَ؛ لأن أسماءَ الأفعالِ يجمعُ جميعَها الفعلُ، كما يقالُ: إقبالُك وإدبارُك يعجبُنى. فيوحَّدُ وهما اثنان.
وقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وإنك يا محمدُ لتهدِى إلى طريقٍ مستقيمٍ عبادَنا، بالدعاءِ إلى اللَّهِ، والبيان لهم.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾: قال اللهُ: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]: داعٍ يدعوهم إلى اللَّهِ تعالى ذِكرُه (٢).
(١) ينظر تفسير البغوي ٧/ ٢٠١، وتفسير القرطبي ١٦/ ٦٠. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣ إلى المصنف وعبد بن حميد.