أعتاضُه منكم، بإجابتِكم إيَّايَ إلى ما دعوتُكم إليه من الحقِّ والهُدى، ولا طَلَبَتُ منكم عليه ثوابًا ولا أجرًا (١)، ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤُه: إِنْ جَزائى وأجرُ عملى وثوابه إلا على ربِّي لا عليكم أيُّها القومُ، ولا على غيرِكم، ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. يقولُ: وأمرَنى ربِّى أن أكونَ من المُذعِنين له [بالطاعةِ، المُنقادِين لأمرِه ونهيِه، المُتَذلِّلين (٢) له] (٣)، ومِن أجلِ ذلك أَدعُوكم إليه، وبأمرِه آمُرُكم بتركِ عبادةِ الأوثانِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: فكذَّبَ نوحًا قومه فيما أخبَرهم به عن اللهِ من الرسالةِ والوحيِ، فنجيناه ومن معه ممن حَمَل معه فى الفلكِ، يعني في السفيِنة، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ﴾. يقولُ: وجَعَلنا الذين نَجَّينا مع نوحٍ في السفينة خلائفَ في الأرضِ مِن قومِه الذين كذَّبوه بعدَ أن أغرَقنا ﴿وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾، يعني: حُججِنا وأدلِتنا على توحيدِنا، ورسالِة رسولِنا نوحٍ. يقولُ الله لنبيِّه محمدٍ ﷺ: فانظرْ يا محمدُ كيف كان عاقبةُ المُنذَرين؛ وهم الذين أنذرَهم نوحٌ عقابَ اللهِ على تكذيبِهم إيَّاه وعبادتِهم الأصنامَ. يقولُ له جلَّ ثناؤُه: انظر ماذا أعقَبهم تكذيبُهم رسولَهم، فإنَّ عاقبةَ مَن كَذَّبك مِن قومِك، إن تَمادَوا في كفرِهم وطُغيانِهم على ربِّهم، نحوُ الذي كان مِن عاقبةِ قومِ نوحٍ حينَ كذَّبوه. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فلْيَحذَروا أن يَحِلَّ بهم مثلُ الذي حَلَّ به إن لم يَتوبوا.
(١) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "جزاءً". (٢) فى م، ت ٢، س: "المذللين". (٣) سقط من: ت ٢، ف.