وقوله: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾. يقولُ: ويَسْجُدُ أيضًا ظلالُ كلِّ مَن سجَد للَّهِ طوعًا وكَرْهًا، بالغَدَواتِ والعَشَايا، وذلك أن ظِلَّ كلِّ شخصٍ فإنه يَفئُ بالعشيِّ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨].
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾. يَعْنى: حينَ يَفِئُ ظلُّ أحدِهم عن يمينِه أو شمالِه (١).
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ الزبيرِ، عن سفيانَ، قال في تفسيرِ مجاهدٍ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾. قال: ظِلُّ المؤمنِ يَسْجُدُ طوعًا وهو طائعٌ، وظِلُّ الكافرِ يَسْجُدُ طوعًا (٢) وهو كارِهٌ (٣).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾. قال: ذُكِر أن ظلالَ الأشياءِ كلِّها تسجدُ له، وقرَأ: ﴿سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨]. قال: تلك الظلالُ تَسْجُدُ للَّهِ (٤).
(١) تفسير سفيان ص ١٥٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٤ إلى المصنف وابن أبي حاتم. (٢) في مصدرى التخريج: "كرها". (٣) ذكره القرطبي في تفسيره ٩/ ٣٠٢ وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٣، ٥٤ إلى المصنف وابن المنذر. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٤ إلى المصنف وابن أبي حاتم.