فأحسَنتُ إليه. فترفعُ "المحسنَ" إذا جعَلتَ "فأحسنتُ إليه" بالفاءِ؛ لأنَّ معنى الكلامِ إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو المحسنُ، فأحسنتُ إليه. ولو جُعِل الكلامُ بالواوِ فقيل: وأحسنتُ إليه. لم يكنْ وجهُ الكلامِ في "الحسنِ" إلا الخفضَ على النعتِ لـ "لأخٍ"، ولذلك لو جاء: ﴿فَتَعَالَى﴾ بالواو، كان وجهُ الكلامِ في ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ الخفضَ على الإتباعِ لإعرابِ اسمِ "اللهِ"، وكان يكونُ معنى الكلامِ: سبحانَ اللهِ عالِمِ الغيبِ والشهادةِ [وتعالى](١)! فيكونُ قولُه: "وتعالى". حينئذٍ معطوفًا على: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ﴾.
وقد يجوزُ الخفضُ مع الفاءِ؛ لأنَّ العربَ قد تبتدِئُ الكلامَ بالفاءِ، كابتدائِها بالواوِ. وبالخفضِ كان يقرأُ: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ في هذا الموضعِ أبو عمرٍو، وعلى خلافِه في ذلك قَرَأَةُ الأمصارِ (٢).
والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندَنا الرفعُ؛ لمعنيين: أحدُهما: إجماعُ الحجةِ من القرأةِ عليه. والثاني: صحتُه في العربيةِ.
وقولُه: ﴿فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فارتفَع اللهُ وعلا عن شركِ هؤلاء المشركين، ووصفِهم إياه بما يصفون.
يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: قلْ يا محمدُ: ربِّ إِنْ تُرني (٣) في هؤلاء
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "فتعالى". (٢) بالخفض قرأ ابن كثير وحفص وأبو عمرو وابن عامر، وبالرفع قرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو بكر. حجة القراءات ص ٤٩١. (٣) في م: "تريني".