قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: ألم نجعلْ لهذا القائلِ: ﴿أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾. عينينِ يُبصرُ بهما حُججَ اللهِ عليه، ولسانًا يُعَبِّرُ به عن نفسِه ما أراد، وشفتين، نعمةً منا بذلك عليه.
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾: نِعَمٌ مِن الله متظاهرةٌ، يُقرِّرُك بها كيما تشكرَ (١).
وقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وهديناه الطريقين.
والنَّجْدُ (٢): طريقٌ في ارتفاعٍ.
واختلف أهلُ التأويلِ في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم: عُنِى بذلك: نَجْدُ الخيرِ، ونَجْدُ الشرِّ، كما قال ﷿: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٣].
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبدِ اللهِ: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾. قال: الخيرَ والشرَّ (٣).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، عن زِرٍّ، عن عبد اللهِ مثلَه.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥٣ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم. (٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نجد". (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٧٤ عن الثورى عن زر به، ولم يذكر عاصمًا، وأخرجه الطبراني (٩٠٩٧)، واللالكائى في أصول الاعتقاد (٩٥٦) من طريق سفيان به، والأثر في تفسير مجاهد ص ٧٣٠، وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٢٣ من طريق عاصم به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥٣ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.