والأسماءِ إذا حلَّت محلَّ الأمرِ وأدَّت عن معنى الأمرِ نصَبَتها، فيقولون: شكرًا للهِ يا فلانُ، وحمدًا له. بمعنى: اشْكُرِ الله واحْمَدْه. والصلاةَ الصلاةَ، بمعنى: صَلُّوا. ويَقُولُون في الأسماءِ: الله الله يا قومِ. ولو رُفِع بمعنى: هو اللهُ، أو هذا اللهُ. ووُجِّه إلى الخبرِ وفيه تأويلُ الأمرِ، كان جائزًا، كما قال الشاعرُ (١):
إن قومًا منهم عُمَيرٌ وأشبا … هُ عُمَيْرٍ ومنهمُ السَّفَّاحُ
لجَدِيرون بالوفاءِ إذا قا … ل أخو النَّجْدةِ السِّلاحُ السلاحُ
ولو كان قولُه: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ جاء رفعًا في القراءةِ لم يكنْ خطأً، بل كان صوابًا على ما وصَفنا.
وقد ذُكر أن هذه الآيةَ لما نزَلَت على رسولِ اللهِ ﷺ ثناءً مِن الله عليه وعلى أمتِه، قال له جبريلُ ﷺ: إن الله ﷿ قد أحْسَن عليك وعلى أمتِك الثناءَ، فسَلْ ربَّك.
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جَريرٌ، عن بَيانٍ، عن حَكيمِ بن جابرٍ، قال: لمَّا أُنْزِلَ على رسولِ اللهِ ﷺ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾. قال جبريلُ ﵇: إن الله ﵎ قد أحْسَن الثناءَ عليك وعلى أمتِك، فسَلْ تُعْطَهْ. فسأل:" ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ " إلى آخرِ السورةِ (٢).
(١) البيتان في معاني القرآن للفراء ١/ ١٨٨، والخصائص ٣/ ١٠٢، والدرر اللوامع ١/ ١٤٦. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧٥ (٣٠٧٠) من طريق جرير به. وأخرجه سعيد بن منصور (٤٧٨ - تفسير)، وابن أبي شيبة ١١/ ٥٠١ من طريق بيان به.