حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾: أي: لقد كنتم تَمَنَّون الشَّهادةَ على الذي أنتم عليه مِن الحقِّ، قبلَ أن تَلْقَوا عَدوَّكم، يعنى الذين استباصوا (٢) رسولَ اللهِ ﷺ إلى (٣) خُروجِه بهم إلى عَدوِّهم لِما فاتَهم مِن الحُضورِ في اليومِ الذي كان قبلَه ببدرٍ؛ رغبةً في الشَّهادةِ التي فاتَتْهم به، يقولُ: ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾. أي: الموتَ بالسيوفِ في أيدى الرجالِ قد خُلِّي (٤) بينكم وبينهم، وأنتم تَنْظُرون إليهم، فصَدَدْتم عنهم (٥).
يعني تعالى ذِكْرُه بذلك: وما محمدٌ إلا رسولٌ كبعضِ رسلِ اللهِ الذين أَرْسَلَهم إلى خلقِه داعيًا إلى اللهِ وإلى طاعتِه، الذين حين انْقَضَتْ آجالُهم ماتوا وقَبضهم اللهُ إليه. يقولُ جل ثناؤُه: فمحمدٌ ﷺ إنما هو فيما اللهُ به صانعٌ مِن قَبْضِه إليه عندَ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٦، عقب الأثر (٤٢٥٤) من طريق عمرو، عن أسباط به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٠ إلى المصنف. (٢) في ص: "استاصوا" مصحفة، وفى م: "حملوا"، وفى تفسير ابن أبي حاتم: "استناصوا"، وفي سيرة ابن هشام: "استنهضوا". والبَوْص: أن تستعجل إنسانًا في تحميلكه أمرًا لا تدعه يتمهل فيه. التاج (ب و ص). (٣) في م، ت ١، ت ٢: "على". (٤) في م: "حل"، وهي محتملة في ص، وفي ت ٢: "فدخل". (٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١١١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٦ (٤٢٥٥) من طريق سلمة به.